بعد مساعٍ طائلة.. "ليون" يفشل في الصعود بـ"ليبيا" إلى الاستقرار

السبت 03/أكتوبر/2015 - 06:04 م
طباعة بعد مساعٍ طائلة..
 
بعد معاناة شهدها على مدار المرحلة الماضية، ما بين هنا وهناك، تقترب فترة انتهاء مدة انتداب المبعوث الأممي لدى ليبيا برناردينو ليون، والذي خاض مرحلة صعبة في ظل ما تشهده ليبيا من فوضى؛ حيث كان عنصرًا مهمًّا.. حاول حل الأزمة الليبية عن طريق سعيه لتقارب وجهات نظر الأطراف المتنازعة وجمعهم على طاولة واحدة، كشفت مصادر دبلوماسية غربية، أن الدبلوماسي الألماني البارز مارتين كوبلر، سوف يصبح وسيطاً جديداً للأمم المتحدة في ليبيا، خلفًا لـ"برناردينو ليون"، والذي فشل في الصعود بليبيا إلي مرحلة جديدة.
بعد مساعٍ طائلة..
في ذات الوقت نفت وزارة الخارجية الإيطالية، أمس الجمعة 2 أكتوبر 2015، التقدم بطلب للأمم المتحدة لتمديد ولاية المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون التي ستنتهي في 20 أكتوبر الجاري.
ونوهت الخارجية الايطالية- في بيان- بأن نهاية ولاية ليون معروفة منذ البداية، وأن عملية اختيار من يخلفه جرت قبل أكثر من شهرين. وليس هناك أي طلب إيطالي لتمديد ولاية ليون، مؤكدة أنها ستتعاون بشكل كامل مع من يخلف ليون في رئاسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وأشارت إلى الدعوة التي جددها وزير الخارجية باولو جينتيلوني في نيويورك لدعم ليون في الأسابيع الأخيرة من ولايته؛ كونها "حاسمة للتوصل إلى اتفاق بين الفرقاء الليبيين لتشكيل حكومة وفاق وطني".
وقال دبلوماسيون أمس على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: إن كوبلر، وهو الرئيس الحالي لبعثة السلام للأمم المتحدة في شرق الكونغو، سوف يخلف الإسباني برناردينو ليون كوسيط للأمم المتحدة في ليبيا، ولم يتسن الحصول على تأكيد رسمي لهذه التوقعات.
ويعد كوبلر 62 عاماً، أحد الدبلوماسيين الألمان القلائل، الذين لديهم خبرات في المناصب العليا لدى الأمم المتحدة؛ حيث عمل لحسابها في العراق وأفغانستان.
يذكر أن أطراف النزاع في ليبيا، اتفقوا مؤخرًا على نص لاتفاق السلام عقب شهور من المفاوضات. 
وتدور الجهود المبذولة حاليًا حول تشكيل حكومة وحدة وطنية بحلول منتصف أول أكتوبر الجاري.
وشاركت ألمانيا في المساعي الرامية لتشكيل هذه الحكومة بشكل وثيق؛ حيث إنها نجحت في شهر حزيران الماضي في جمع أطراف النزاع على طاولة المحادثات للمرة الأولى في العاصمة برلين.
وكان ليون بدأ العمل في السلك الدبلوماسي في إسبانيا عام 1990؛ حيث تقلد مناصب في السفارة الإسبانية في ليبيريا والجزائر، وفي الممثلية الدائمة للاتحاد الأوروبي في بلجيكا. شغل في عام 1998 منصب مستشار المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط.
ترأس عام 2001 مؤسسة مغربية إسبانية للحوار والتفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات والأديان في البحر الأبيض المتوسط، وعين عام 2004 وزير دولة في وزارة الشئون الخارجية الإسبانية مكلفًا بالعلاقة مع جنوب أمريكا، تولى عام 2008 منصب كبير المستشارين لدى رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو للشئون السياسية، عُيِّن بعدها وزير دولة للشئون الخارجية.
بعد مساعٍ طائلة..
تولى ليون في 18 يوليو 2011 منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لشئون جنوب البحر الأبيض المتوسط، وفي أغسطس 2014 عُين ممثلا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها إلى ليبيا خلفًا للبناني طارق متري- لدعم الحل السياسي.
وفي عمله الدبلوماسي بوزارة الخارجية الإسبانية، كممثل خاص للاتحاد الأوروبي، واكب ليون المفاوضات التي أفرزت اتفاقية واي ريفر في أكتوبر 1998، وأعمال اللجنة الرباعية.
سعى لترجمة أهداف الاتحاد الأوربي المعلنة في ما يعرف بملف السلام، كتعزيز الحوار السياسي للاتحاد مع جنوب البحر الأبيض المتوسط، وتعزيز الديمقراطية في هذه المنطقة.
بالموازاة مع عمله في وزارة الشئون الخارجية الإسبانية خلال الفترة 2004- 2008، لعب ليون دورًا مهما في تفعيل مبادرة تحالف الحضارات التي طرحها رئيس وزراء إسبانيا- يومها- خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو على الجمعية العامة الـ59 للأمم المتحدة في عام 2005 لتفادي التوتر بين العالمين الغربي والإسلامي.
في أغسطس 2014 عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون برناردينو ليون ممثله الخاص ورئيس البعثة الأممية في ليبيا خلفًا للبناني طارق متري، للعمل على جمع الأطراف الليبية على مائدة الحوار ومعالجة أزمة البلاد بحل سياسي بعيدًا عن لغة السلاح والقوة.
 تمكن ليون من إقناع برلمانيين من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وبرلمان طبرق بالاجتماع في غدامس في أقصى الغرب الليبي، وكانت أولى جلسات الأطراف المتناحرة.
أعلن ليون أنه لا يمكن لليبيا أن تتجاوز مشاكلها إلا عبر الحوار، وأن مهمة الأمم المتحدة هي العمل على توفير الظروف الملائمة له، وحاول جمع الأطراف في أكثر من مكان وعلى أكثر من مسار.
 بدأت المفاوضات في جنيف السويسرية، حيث عقد المتحاورون جلستين في يناير 2015، ثم انتقل برلمانيون وممثلون من المجتمع المدني إلى مدينة الصخيرات بالمغرب أول مارس الماضي؛ حيث أجرى ممثلو الأطراف الليبية المتصارعة  جولات حوار غير مباشر برعاية ليون، بالموازاة مع حوار آخر بالجزائر في سبيل إخراج ليبيا من أزمتها.
بعد مساعٍ طائلة..
وقاد ليون جهوداً للحوار بين نواب البرلمان الليبي المجتمعين بمدينة طبرق، ونواب آخرين مقاطعين لتلك الجلسات، في محاولة لحل الأزمة السياسية والأمنية في البلاد.
وأعرب ليون عن استياء البعثة من عدم الاستجابة لنداءاتها المتكررة لوقف إطلاق النار، وأن ليبيا قريبة من نقطة اللا عودة، ولكنه أكد أنه عازم على السعي لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء لعقد جلسة حوارية ثانية.
وكان أبدى ليون تفاؤله من توقيع الاتفاق السياسي خلال الأيام الماضية، مؤكدًا أن جولة جنيف حققت تقدمًا كبيراً، وقلصت الهوة بين الأطراف بشأن المسائل الخلافية قائلا: "بعد ساعات طويلة من المناقشات، نظرًا لطبيعة المفاوضات المعقدة للغاية، أوضحنا عددًا من النقاط مع الوفود المختلفة، وخاصة مع وفد المؤتمر الوطني، الذي لديه بعض الملاحظات والمخاوف، بشأن مسودة الاتفاق".
ليون دائمًا كان يحذر الأطراف المتناحرة من عرقلة الحوار، كما أنه اتهم مؤخرًا في تخاذله مع الإخوان ومحاولة إرضائهم بكافة الطرق؛ الأمر الذي صَعَّب استمرار التوافق.
ووفق محللين أن ليون فشل في مهمته لعدة أسباب؛ أولها تلاعب المؤتمر الوطني به، وثانيها أنه وعد أطراف الحوار الليبي على اختلاف انتماءاتها بمناصب في الحكومة المستقبلية، ولكن لم يفِ بوعوده حتى الآن.

شارك